الجزء الثاني
وعودر الليث مرتاعًا لسطوته وحاذر الذئب قرب الشاة من رهب
وصرفت بتصريفه أمور الدولة فجرت على السداد ونفذت بتنفيذه أمورها فأربت مقاصدها بحمد الله على المراد.
وإن أمور الملك أضحى مدارها عليه كما دارت على قطبها الرحى
وأتى من تدبيره الملك بما اطلع نجومه الأوافل وفرغ من فروض المملكة فأتى بالنوافل فأخذ في عمارة ما درس من المعزية القاهرة وباد وتجديد ما وهي من جوانبها بمر الزمان أو كاد.
حتى فاقت ببهجته الاسكندرية التي بناها الاسكندر وقالت: ليت هذا الجمال وافاني حين قلدني عقد الترصيف جوهر وأبدل قصر الفاطميين من اللبن الخاشع جلامد الصخور وأعاضه من رث
الصنعة ما يروق رونقه العيون ويشفى ببهجته الصدور وأعقبه من التشيع اكتساب السنة وكسبه رفض الرفض فكان له بذلك المنة:
فحي هلا بالملزمات وبالعلى وحي هلا بالفضل والسؤدد المحض
هذا وقد اقتفى سنن الملوك الماضية في الاعتناء بمآثر المعروف الباقية والاحتفال من صالح الاعمال بما لا ينقطع ثوابه من علم ينتفع به أو صدقة جارية فابتنى المدرسة الغراء التي عز في الوجود نظيرها وراق منظرها وأبهج نضيرها فصافحت كف الثريا بكف منارها وسامت النسر الطائر في الارتفاع برفيع مطارها وحطت بالتخوم أساسها فرست وتوالت مياه السقي على قلوب حجارتها المتراكبة فقسمت واشتملت من ابداع الصنعة على ما يزرى بشداد بن عاد وفازت من أحاسن المحاسن بما لو رآه ارم لقال ليتني لم أشرع في بناء ذات العماد.
أحكام صنعتها شداد يغبطه ومن تشيدها الاهرام في خجل
وحازت من نفيس الرخام ما يهزأ بالجواهر فأتت فيه من بديع الرونق بما لو عاينه السابق لقال كم ترك الأول للآخر:
فلا اللئالئ من حسنٍ تقاربه ولا اليواقيت في وصفٍ تدانيه
وأودعت من نفائس الكتب ما يتنافس فيه المتنافسون وانفردت من نوادر المصنفات بما لم يشاركها فيه غيرها من المدارس فيقال فيه شركاء متشاكسون مع مساعمته أعز الله انصاره في الانساي بكريم نسبه واشتماله من محبة العلم وأهله على ما يقضي بمتين دينه ووثاقة سببه أحببت أن أخدم خزانتها العالية عمرها الله تعالى ببقاء منشيها وأدام عزها بدوام أيام بانيها بتأليف كناب معرفة العرب والعلم بأنسابها يجدد الدروس رسومها ويطلع بافق الزمان بعد الأفول نجومها ليكون باختصاصه بوضعه كالغرة في وجه كتبه وتدخر بخزانته السعيدة لتصير كلمة باقية في عقبه فشرعت في ذلك بعد أن استخرت الله تعالى ولا خيبة لمستخير واستشرت فيه أهل المشورة ولا ندم للمستشير واصلًا كل قبيل من القبائل بقبيلة وملحقًا كل فرع من الفروع الحادثة بأصوله مرتبًا له على حروف المعجم ليكون أسها للاستخراج قبائله وأقرب إليه في الاقتطاف من تناوله.
ثم إن هذا الكتاب وإن كان قد جمع فأوعى وطمع في الاستكثار فلم يكن بالقليل قنواعًا فأنه لم يأتي على قبائل العرب بأسرها ولم يتكفل على كثرة الجمع بحصرها فان ذلك يتعذر الاتيان عليه ويعز على المتطلب الوصول إليه غير أنه قد حصل من جميع القبائل ما يتعسر إليه من غير طريقة الوصول وحافظ على تمهيد أصولها أتم المحافظة والمطلوب حفظ الأصول وسميته "نهاية الأرب في معرفة أسناب العرب" والله يقرنه بالتوفيق ويرشد فيه إلى أوضح طريق وقد رتبته على مقدمة ومقصد وخاتمة.
المقدمة في ذكر أمور يحتاج إليها في علم الانساب ومعرفة القبائل وفيها خمسة فصول.
1- الفصل الأول: في علم الأنساب وفائدته ومسيس الحاجة إليه.
2- الفصل الثاني: في بيان من يقع عليه اسم العرب وذكر أنواعهم وما ينخرط في سلك ذلك.
3- الفصل الثالث: في معرفة طبقات الانساب وما يلتحق بذلك.
4- الفصل الرابع: في ذكر مساكن العرب القديمة التي منها درجوا إلى سائر الاقطار.
5- الفصل الخامس: في ذكر أمور يحتاج إليها الناظر في علم الانساب.
* المقصد: في معرفة تفاصيل أنساب قبائل العرب وفيه فصلان.
1- الفصل الأول: في ذكر عمود النسب النبوي وما يتفرع منه من الانساب.
2- الفصل الثاني: في ذكر تفاصيل القبائل مرتبة مقفاة على حروف المعجم وما يتهيأ ذكره من مساكنهم الان .
الخاتمة: في ذكر أمور تتعلق باحوال العرب وفيه خمسة فصول:
1- الفصل الأول: في ذكر معرفة ديانات العرب قبل الاسلام.
2- الفصل الثاني: في ذكر أمور من المفاخرات الواقعة بين القبائل وما ينجر إلى ذلك.
3- الفصل الثالث: في ذكر الحروب الواقعة بين العرب في الجاهلية ومبادئ الاسلام.
4- الفصل الرابع: في ذكر نيران العرب في الجاهلية.
5- الفصل الخامس: في ذكر أسواق العرب المعروفة فيما قبل الاسلام.
المقدمة الثانية
في ذكر أمور يحتاج إليها في علم الأنساب ومعرفة القبائل وهي خمسة فصول
الفصل الأول في فضل علم الأنساب وفائدته ومسيس الحاجة إليه
لا خفاء أن المعرفة بعلم الأنساب من الأمور المطلوبة والمعارف المندوبة لما يترتب عليها من الأحكام الشرعية والمعالم الدينية فقد وردت الشريعة المطهرة باعتبارها في مواضع. بن شلوف